youssef Admin
المساهمات : 108 تاريخ التسجيل : 29/07/2008 العمر : 31 الموقع : youssefrizki.skyblog.com
| موضوع: اسطورة التنس العربية الأربعاء يوليو 30, 2008 9:39 am | |
| أسطورة التنس العربية
على الرغم من أن المباراة لم تكن قد انتهت بعد، إلا أنها وصفت بأنها واحدة من أعظم المباريات في تاريخ رياضة التنس.
المباراة كانت مواجهة متواصلة لخمس ساعات تقريبا بين يونس العيناوي من المغرب والأميركي أندي روديك في التصفيات النهائية لبطولة أستراليا المفتوحة لعام 2003.
واستخدم اللاعبان 66 كرة ولعبا 483 نقطة.
يقول لاعب التنس الأسطوري والمعلق الرياضي جون مكنرو: "هذه أفضل مباراة تشرفت بوصفها".
لكن وفي هذه النقطة تحديدا، كان اللاعبان يخوضان المباراة الـ40 في المجموعة الخامسة من المباراة وكان روديك يحتاج إلى نقطة واحدة فحسب للفور.
وقد تجاوز اللاعبان نقطة الإعياء. لكن كيف كان بوسع العيناوي أن يستحضر كل هذه الطاقة للرد على إرسال روديك القوي؟ وكيف سيتعامل مع الضغط الناجم عن تخلفه عن خصمه بنقطة واحدة؟
في الواقع لم تكن هناك أية ضغوط على العيناوي مقارنة، على الأقل، بما واجهه قبل سنوات حينما عصى والده وتوقف عن الدراسة وتوجه إلى الولايات المتحدة لتحقيق حلم حياته.
يقول العيناوي في تعليقه على تلك الخطوة: "إنها لمخاطرة أن يقوم مراهق بما قمت به. وهو أمر قد لا يكون مناسبا للجميع، ففي البداية لم يخبرني أحد بأنني سأكون لاعبا جيدا. فقد كنت الشخص الوحيد الذي اعتقد بأنني سأنجح في تحقيق ما كنت أصبو إليه".
وكانت تلك الرحلة مثيرة بالنسبة للعيناوي، أحد أكثر الرياضيين العرب نجاحا في خوض غمار لعبة يسيطر عليها الغربيون. وكانت الرحلة مليئة بالألم والبهجة، بالحزن والسعادة. وقد تعرّضتْ عزيمته لاختبارات قاسية طوال هذه الرحلة.
لكن هل سيشير العيناوي على الآخرين بأن يفعلوا ما سبق وأن قام به؟ وهل سيعيد الكرّة مرة أخرى لو كان بإمكانه العودة إلى الماضي؟ يقول العيناوي إنه سيكرّر ما فعله دونما تردد. وهذه هي قصته.
من الرباط إلى فلوريدا نشأ العيناوي في حي أجدال في الرباط. وهو الابن الثاني لبومدين وأوديت العيناوي. كان الأب يعمل في وزارة المالية، والأم تعمل في السفارة الفرنسية. وكان الاثنان يستمتعان بممارسة رياضة التنس في النوادي المحلية. أثناء طفولته، كان يونس العيناوي يهوى كرة القدم، غير أنه أصبح أكثر اهتماما وشغفا بالتنس أثناء فترة المراهقة.
وكان يتمرّن على اللعبة مع أخيه الأكبر كريم في النادي كل أسبوع. وكان يتابع أخبار التنس في المجلات ويشاهد البطولات الدولية عبر شاشات التلفزيون. وكان اللاعب الفرنسي-الكاميروني العظيم يانيك نواه الذي هزم ماتس فيلاندر في بطولة فرنسا المفتوحة عام 1993 هو مثله الأعلى. وقد أثرت تلك المباراة بالذات أكثر من غيرها على العيناوي وحدّدت له خط سيره.
يقول العيناوي: "لديّ ذكريات عظيمة عن المباراة النهائية ضد فيلاندر. لقد كان نواه بمثابة القدوة التي جعلتني أختار لعبة التنس. وقد شعرتُ بأنني أكثر قربا من هذه الرياضة لكونه أفريقياً".
وفي عام 1990، وحين كان في الـ18 من عمره، أقنع العيناوي والديه بأن يسمحا له بقضاء أسبوع واحد في أكاديمية بوليتيري للتنس، وهي مركز يحظى بشهرة عالمية مقره بلدة براندتون في ولاية فلوريدا. وما أن وصل إليها حتى شُغف بها، إذ وجدها تشتمل على عشرات الملاعب المفتوحة على مدار الساعة ومئات اللاعبين الذين يوفّرون الفرصة لمزاولة الرياضة والتنافس معهم ومدربين متميّزين. وكانت الأكاديمية بمثابة فردوس تنس على الأرض. وفي ضوء ذلك، سأل العيناوي والده إن كان بوسعه أن يبقي هناك لأجل غير مسمّى، وهو ما كان يعني انقطاعه عن التعليم. وكما كان متوقعا، رفض الأب طلب ابنه. بيد أن العيناوي بقي في براندتون على أية حال.
يقول العيناوي: "أخبرني والدي بأن التنس ليست مهنة أستطيع أن أحقّق دخلا منها. وأصعب ما في الأمر هو محاولتي إقناعه بأنني سأكون أول مغربي يفعل ذلك. لكنه لم يُرِدْ لي أن ألعب التنس. وتوقفنا عن التحدث مع بعضنا البعض لمدة سنة. عندها أدركتُ أنه ليس بوسعي أن أفشل؛ كان عليّ أن أبيّن له أن هذا هو القرار الصحيح بالنسبة لي، وكان ذلك حافزا عظيما".
غير أن العيناوي لم تكن لديه الأموال اللازمة لسداد رسوم التعليم في الأكاديمية. كما أنه لم يحصل على منحة منها لمتابعة حلمه، فالمنح كانت وقفا على اللاعبين الواعدين أكثر من غيرهم في حين كان العيناوي يُعتبر موهبة من الدرجة الثانية. ولما كان العيناوي وحيدا ومفلسا وبعيدا عن مسقط رأسه بآلاف الأميال، قرّر أن يفعل الشيء الوحيد المتاح له حينذاك: العمل. فعمل سائق حافلة وقام بتنظيف صالة الألعاب الرياضية وبإصلاح المضارب وبرمي الكرات للمتدربين، وعمل في حضانة الأطفال أيضا. وكان يشغل أوقات فراغه باللعب قدر ما يريد، على عكس ما كان يحدث في المغرب حيث كان يلعب للفترة التي يسمح بها والداه. ففي المغرب، كانت التنس مسألة ثانوية مقارنة بالتعليم.
يقول أخوه كريم: "كان أبي يريد ليونس مواصلة تعليمه لأن رياضة التنس تنطوي على مخاطر كثيرة، إذ يمكن للمرء أن يُصاب ويمكن له أن يعجز عن مواصلة اللعب في أية لحظة. إن الآباء يريدون الأمن والاستقرار لأولادهم. وقد أدرك يونس أن الفشل ليس خيارا بالنسبة له. إن الأمر يشبه تماما قيام الأهل بالإنفاق على تعليمك، فأنت لا تريد العودة إلى أهلك خالي الوفاض".
ومع مرور الوقت، اقتنع بومدين بأن ابنه يستمتع برياضة التنس كثيرا، وبأنها ترفع من معنوياته وتمنحه الثقة لمواجهة العالم أجمع. وبدأ الاثنان في التحدّث مع بعضهما البعض من جديد.
وبعد عامين من العمل المتواصل لصقل مهاراته، وبفضل دعم أسرته له، دخل العيناوي دائرة لاعبي التنس المحترفين. وقد كان دخله وتصنيفه في رابطة لاعبي التنس المحترفين يتوقفان على فوزه في البطولات المفتوحة. ولذا سافر العيناوي إلى مشارق الأرض ومغاربها- من الهند إلى توغو- للعب ضد لاعبين أقل مكانة منه.
واستفاد العيناوي من طاقته وقوة تحمله وطول قامته في الإرسال. وبدأ العيناوي في الصعود رويداً رويدا من المصنّف الـ700 إلى المصنف الـ70 ثم الـ50 والـ30. وفي عام 1993، فاز بالمرتبة الثانية في إحدى البطولات المفتوحة في الدار البيضاء. وفي عام 1994، فاز بأربع مباريات في بطولة كأس ديفيز. وفي عام 1995، وصل الربع النهائي في تصفيات بطولة فرنسا المفتوحة.
يقول العيناوي: "لقد زرتُ أستراليا ونيويورك، كنت كمن يعيش في حلم". ووصل العيناوي إلى النهائيات في البطولات الثلاث عام 1996، وبات مهيأ لأن يصبح من كبار اللاعبين قبل أن انكسر كاحله الأيمن. وخضع لعملية جراحية وعاد لمزاولة اللعبة في غضون أشهر قليلة. لكنه لم يشعر بأنه على ما يرام وانسحب من البطولة. وباتت حياته الرياضية فجأة مهدّدة. وبدأ يتساءل: هل كان أبي على حق؟ هل كان الأمر كله مضيعة للوقت. ويقول العيناوي: "كان ذلك هو المحك".
ثم تعرّف على آن- صوفي فيما كان يتدرّب في أحد الملاعب فأخذت حياته منحى جديدا. تبادل الاثنان الحديث مع بعضهما وخرجا في موعد غرامي وتزوجا بعد ستة أشهر. يقول أخوه كريم: "لقد وفّر له الزواج الاستقرار والدعم، فرياضة التنس يمكن لها أن تكون رياضة يشعر بها المرء بالوحدة. إنها ليست مثل كرة القدم. وكثيرا ما أقارنها بالملاكمة والشطرنج، فتكتيكاتها شبيهة بتكتيكات الشطرنج غير أنها تتطلب القوة وتتسم بالوحدة مثل الملاكمة".
وخضع العيناوي لجراحة ثانية في كاحله في شباط/فبراير 1998، وعاد إلى الملاعب في ذلك الصيف بوصفه المصنف 444 على صعيد العالم. ووصل إلى نهائيات رابطة لاعبي التنس للمحترفين في سانتياغو في تشيلي، وواصل تقدمه إلى المصنف 49 ليحوز على لقب اللاعب العائد إلى الملاعب في تلك السنة. ويعزو العيناوي نجاحه إلى زوجته آن- صوفي وإلى مولد ابنهما مروان.
يقول العيناوي وهو أب الآن لثلاثة أطفال عن زوجته: "لقد قبلتْ بحياة السفر والعيش في الفنادق لمدة 11 شهرا. لقد كان بوسعها وهي أم لطفل أن تقول إنها تريد البقاء في البيت. وكان هذا سيكون أمراً شديد الصعوبة. غالبا ما تنتهي المباريات في الساعة 10:00 ليلا، ولا تتناول طعام العشاء حتى منتصف الليل، وهذا كله عناء يترافق مع حياة اللاعب المحترف. لقد كانت رياضة التنس هي أولويتي، وقبلت زوجتي بذلك. وقد قدّمتْ لي النصح والدعم".
وقد فاز العيناوي بخمس بطولات لرابطة لاعبي التنس المحترفين وكسب أكثر من 3.7 مليون دولار طوال مسيرته الرياضية الطويلة. وكان عام 2002 أكثر سنواته نجاحا حيث فاز بثلاث بطولات في الدار البيضاء والدوحة وميونيخ ووصل إلى الربع قبل النهائي في بطولة أميركا المفتوحة- وتُعد هذه أعلى مرتبة يصلها مغربي في بطولة الغراند سلام هذه. ثمّ بدأ العيناوي يستعد لبطولة أستراليا المفتوحة لعام 2003، التي انتهت لتكون مباراة أسطورية تُسجل في تاريخ هذه اللعبة.
التنس تنهض من جديد عاشت رياضة التنس في الولايات المتحدة ما يمكن وصفه بولادة جديدة. فهذه الرياضة التي أصبحت شديدة الشعبية خلال السبعينات والثمانينات بفضل مكنرو وجيمي كونورز اللذين مثلا ثنائيا لا يضاهى من حيث الموهبة ومن حيث شخصيتهما المتنافرتين المتقلبتين ما جعل من متابعة هذه الرياضة على شاشات التلفزيون أمرا لا مفر منه، تراجعت شعبيتها في التسعينات لأن أفضل اللاعبين كانوا يبعثون على الضجر بشكل مؤلم. غير أن ظهور روديك واللاعبات اللواتي جمعن بين الموهبة والجمال مثل فينوس وسيرينا ويليامز وآنا كورنيكوفا وماريا شارابوفا أعاد رياضة التنس إلى الأضواء من جديد.
يقول لي هاملتون المدير التنفيذي لرابطة التنس الأميركية: "لا شك في أن اللاعبات النساء هن الرائدات في مجال إحياء هذه اللعبة من جديد. هل أسهمت الجاذبية الجنسية في ذلك؟ بالتأكيد..". غير أن التنس كانت على الدوام رياضة هامشية في العالم العربي.
والأسباب اقتصادية إلى حد بعيد إذ لا وجود لملاعب عامة. ومن ثم فإن هذه الرياضة مُتاحة لمن هم ميسورون بما يكفي للانضمام إلى نادٍ خاص- كما هي الحال مع آل العيناوي.
يقول يونس العيناوي: "التنس وببساطة ليست في متناول اليد بالنسبة للكثيرين في الوطن العربي. ينبغي أن تتوفر ملاعب عامة كما هي الحال في الولايات المتحدة وفرنسا. إن أحد أحلامي هو أن أملأ المغرب بالملاعب العامة وأن أقدّم دورات تدريبية للأطفال الذين لا يستطيعون تحمل المصاريف أو الانضمام إلى النوادي أو الوصول إلى مدربين والاستفادة من خبراتهم ونصائحهم. لكنني أترك هذا الأمر للمستقبل، أما الآن فأنا في مرحلة التنافس. فلا أحد من اللاعبين العرب فاز بمجموعة بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى حتى الآن. وحلمي هو أن أكون أول عربي يحقق ذلك".
وقد جاءت فرصته الأفضل قبل عامين في بطولة أستراليا المفتوحة. ورغم كونه المصنف الـ22، نجح العيناوي في إرسال 33 إرسالا لم يتمكن خصمه من كسرها وأذهل بذلك المصنّف الأول والبطل الأسترالي ليتون هيويت في الجولة الرابعة. ثم واجه رودريك في مباراة استمرت خمس ساعات وأصبحت أسطورية على الفور. كان العيناوي متقدما بمجموعتين مقابل مجموعة، ثم خسر المجموعة الرابعة. ولأن بطولة التنس الأسترالية المفتوحة لا تسمح بالتعادل في المجموعة الخامسة، فإن رودريك والعيناوي استمرا في اللعب إلى أن حقق أحدهما الفوز بمباراتين؛ عادة ما يتطلب الأمر الفوز بست مباريات للفوز بالمجموعة، غير أن الاثنين كانا يتناوبان على الفوز. وبعد وصولهما إلى التعادل 19 مقابل 19، سلما مضاربهما للأطفال الذين يقومون بتجميع الكرات، وقدّم هؤلاء عرضا مدهشا فيما استراح اللاعبان الكبيران.
وبدأ العيناوي يضعف في المباراة الـ39، وخسر إرساله وتخلف بحيث أصبحت النتيجة 20 إلى 19، ثم فاز رودريك بثلاث نقاط متتالية وحقق فوزا بـ40 مقابل 0. واستطاع العيناوي التقدم نقطة، لكنه لم يستمر بعدها إذ ارتطمت الكرة بالشبكة وانتهى الماراثون. واحتضن اللاعبان بعضهما البعض من على طرفي الشبكة وتعالت هتافات الجمهور تحية لهما. وكانت النتيجة النهائية لصالح رودريك: 4-6 و7-6 و4-6 و6-4 و21-19. وبعد مشاهدته للمباراة، كتب معلق التنس الأميركي البارز بَدْ كولينز في صحيفة بوسطن غلوب يقول: "التقى غريبان وقدّما أداء رياضيا نادراً اتسم بالجرأة واللمسات الفنية الراقية وزيّنا ساحة ملعب لافر بتألقهما".
وما زال العيناوي يعايش أحاسيس تلك التجربة تماما كما عايشها أثناء اللعب. يقول: "دفعتنا الأجواء التي أوجدها المشجعون إلى تجاوز كل الحدود. وبدا وكأنه أرسل "إرسال" نقطة الفوز 10 مرات أو 15 مرة. لقد تشرفتُ حقا بفرصة أن ألعب مباراة كتلك المباراة".
لقد أنهى الأداء كل الشكوك: لقد أصبح العيناوي أفضل لاعب عربي في تاريخ التنس. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد إذ توالت المفاجآت خاصة في مباريات الغراند سلام. فبعد مباراة ميلبورن بستة أشهر، خسر العيناوي أمام أندريه أغاسي بعد مباراة مثيرة من أربع مجموعات في بطولة ويمبلدون المفتوحة، وهي أكثر بطولات التنس عراقة. ثمّ وصل إلى الربع النهائي في البطولة الأميركية المفتوحة حيث قفز إلى المصنف الـ14 في العالم وأصبح أكثر نجوم البطولة شهرة وشعبية بفضل شخصيته الحماسية وأسلوبه المثير في اللعب.
وقد أبلغ مكنرو الصحافيين، قائلا: "أتمنى لو أن كل اللاعبين جلبوا معهم الحماسة وحضور الشخصية اللذين يجلبهما العيناوي معه إلى كل مباراة يلعبها. إننا بحاجة إلى مزيد من اللاعبين مثله".
لكن شعبية العيناوي في بلده الأم فاقت شعبيته في كل مكان، فقد منحه الملك محمد السادس الميدالية الذهبية وهي أكبر شرف يُسبغ على أي رياضي في المغرب. وأطلق النادي الملكي للتنس في مراكش اسمه على الملعب الرئيسي: "ملعب يونس العيناوي". وقد طلبت إحدى الصحف الاقتصادية المغربية، ليكونوميست، من قرائها ترشيح مثلهم الأعلى وحلّ العيناوي على رأس القائمة متفوّقا على رئيس الوزراء والعدّاء هشام القروج.
يقول كريم العيناوي: "بفضل يونس، أصبحت التنس رياضة شعبية في المغرب. فقد كان الناس في المقاهي لا يشاهدون سوى كرة القدم. لكنهم بدأوا الآن في مشاهدة التنس بسبب يونس".
لكن العيناوي الذي يتحدث ست لغات: العربية والإنكليزية والفرنسية والأسبانية والإيطالية والبرتغالية لم يكن راضيا بأن يكون بطلا فحسب، بل أراد نشر اللعبة ومساعدة الأطفال المحتاجين. وقام بزيارة مراكز المنظمات غير الحكومية المعنية بمساعدة الفقراء، وتبرع بـ100 دولار عن كل إرسال لا يستطيع خصومه رده إلى مؤسسة محمد السادس وكان هذا يعني مبلغا قيمته 3,300 دولار عن مباراته مع هيويت في بطولة أستراليا المفتوحة. كما ارتدى زرا أصفر للدلالة على العمل الخيري أثناء مبارياته بناء على طلب من الملك، إلى أن أشار مسؤولو اللعبة إلى أن هذا يمثل مخالفة للوائح اللعبة الخاصة بالزي، وأجبروه على استبداله. ويعمل يونس وأخوه كريم هذه الأيام على توفير مساقات تدريبية للأطفال الذين لا تستطيع أسرهم تحمل رسوم الانضمام إلى النوادي.
يقول غريغ شاركو أحد مسؤولي التنس الأميركيين: "إن يونس بكل تأكيد سفير عالمي عظيم لرياضة التنس، فأينما حل استقبله الناس بالترحاب. ويستمتع المشجعون برؤيته وهو يلعب لأنهم يعرفون أنه يعطي المباراة كل ما أوتي من جهد وفن".
تحديات مستقبلية بعد شهر واحد من وصوله الربع النهائي في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، وكان ذلك في خريف عام 2003، عانى العيناوي من سلسلة من الإصابات تماما كما حدث معه أثناء جولته الناجحة عام 1996. وقد أجبره التهاب اللفافة الأخمصية وتمزق عضلي في أسفل القدم على الانسحاب من بطولة أستراليا المفتوحة. وحينما عاد إلى الملاعب بعد ثمانية أشهر، أُصيب في كتفه. وقد قضى جزءاً من الوقت المخصص لإعادة التأهيل في الجبال المغربية حيث يتدرّب عدّاءو البلاد المشهورون، وجزءاً آخر في منزله في مدينة برشلونة حيث يعيش هو وزوجته وأطفالهما الثلاثة.
وشارك في أربع بطولات هذه السنة بما فيها بطولة دبي المفتوحة، لكن لم يحالفه النجاح إلا قليلا. فقد أثّرتْ إصابة الكتف على قدرته على الإرسال، وبدون قوته المتميزة في الإرسال لا يُعدّ العيناوي لاعبا من لاعبي القمة. ويعترف كريم قائلا: "إنه يعاني جراء هذه الإصابات".
ويبلغ العيناوي اليوم من العمر 33 عاما، وهي سن متقدمة بمعايير رياضة التنس. لكن ولأنه بدأ اللعب في مرحلة متأخرة نسبيا، فإنه لا يعاني بعد من الإعياء الذهني الذي يصيب اللاعبين الأوروبيين والأستراليين والأميركيين الذين يبدأون هزّ المضارب في مرحلة مبكرة جدا من أعمارهم. غير أن الإصابات لا تشفى سريعا بالنسبة للاعب في الـ33 من عمره أو بنفس السرعة كما هي الحال مع لاعب في الـ23 من عمره.
فهل سيتعافى العيناوي في الوقت المناسب للمشاركة في بطولة فرنسا المفتوحة أو ويمبلدون. وهل سيستعيد القوة والثقة اللتين جعلتاه واحدا من أشد اللاعبين بأسا وأعظم لاعب تنس عربي على الإطلاق؟ لا أحد يعرف. يقول شاركو: "من منا يعرف إلى أي مدى كان العيناوي سيصل لولا إصاباته". لكن العيناوي قد ضمن مكانه في تاريخ التنس حتى لو لم يُكتب له الفوز في مباراة أخرى. | |
|